أكد تقرير صادر عن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر أن عدم الاستقرار في مالي له تأثيرات مباشرة على المناطق الحدودية الموريتانية، وبالأخص الحوض الشرقي، حيث شهد الوضع تدهورًا حادًا منذ تجدد الاشتباكات في ليري في أواخر أكتوبر 2025.
ووفق التقرير، يستمر التدهور الأمني في مالي، خاصة في المناطق الوسطى والشمالية، حيث تؤدي موجات العنف المتزايدة وانعدام الاستقرار إلى نزوح المزيد من السكان نحو موريتانيا.
وفي منطقة تمبكتو والمناطق المحيطة، أشار التقرير إلى أن الهجمات المتكررة من الجماعات المسلحة أدت إلى اعتقالات تعسفية ونهب واسع للمحال التجارية وتدمير سبل العيش، مما خلق مناخًا من الخوف وانعدام الأمان دفع المدنيين للفرار نحو الحدود بحثًا عن ملاذ آمن.
أكثر من 300 ألف لاجئ مالي في موريتانيا بحلول أكتوبر 2025
وأوضح التقرير أنه بعد تراجع نسبة دخول اللاجئين في وقت سابق من العام، عادت لتسجل ارتفاعًا ملحوظًا، حيث تستضيف موريتانيا حاليًا أكثر من 306 آلاف لاجئ مالي و65 ألف عائد، مما يجعلها واحدة من أكبر الدول المستضيفة للاجئين في غرب إفريقيا.
ويستقبل الحوض الشرقي وحده الجزء الأكبر من هؤلاء النازحين، مما يضع ضغطًا هائلًا على البنى التحتية والموارد الطبيعية المحلية.
ونقل التقرير عن اجتماعات تنسيق اللاجئين من وجود حوادث جديدة في منطقة تورو (مالي)، حيث أُجبر مدنيون ماليون رعاة موريتانيين على العودة للأراضي الموريتانية، مما يعقد الوضع الحدودي.
كما أبلغ الوافدون الجدد عن انتشار واسع لأعمال العنف، بما في ذلك العنف الجنسي والاختطاف والتعذيب والابتزاز وتفكيك الأسر.
ويُقدّر أن 80% من اللاجئين هم من النساء والأطفال، والعديد منهم تعرضوا لصدمات ونزوح متكرر.
أوضاع صعبة ولجوء خارج المخيمات
وشدد التقرير على أن نصف الوافدين الجدد فقط مُسجلون رسميًا كلاجئين، في حين يعيش نحو 176 ألف شخص خارج المخيمات الرسمية دون الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي والمأوى والأمن الغذائي والرعاية الصحية الأساسية وخدمات الحماية والتعليم.
غياب البنية التحتية الصحية
أشار التقرير إلى أن عدم وجود بنية تحتية مناسبة للصرف الصحي والاعتماد على مصادر مياه غير آمنة ساهم في ارتفاع حالات سوء التغذية والأمراض المنقولة بالمياه، وخاصة بين الأطفال.
كما أدت الفاشيات الأخيرة للحصبة والدفتيريا في الحوض الشرقي إلى إبراز هشاشة النظام الصحي وضرورة تعزيز المراقبة الوبائية والحملات التلقيحية.
نقص في الغذاء ومزيد من الهشاشة
عمق التقرير من خطورة الوضع، مشيرًا إلى أن المجتمعات المضيفة، التي كانت تعاني من الهشاشة، تواجه الآن نقصًا حادًا في الغذاء والماء ومناطق الرعي، حيث يُمثل أكثر من 60% من الوافدين الجدد من الرعاة، الذين جلبوا معهم ما يُقدّر بـ1.7 مليون رأس من الماشية، مما وضع ضغطًا كبيرًا على الموارد المحدودة والسريعة التدهور.
ويشير التقرير إلى أن التنافس المتزايد على الموارد المحدودة ينذر بارتفاع التوترات بين اللاجئين والعائدين والمجتمعات المضيفة.
أزمة إنسانية مركبة
أضاف التقرير أن الأزمة الإنسانية في موريتانيا تعقدت بفعل الصدمات المناخية المتزايدة، مشيراً إلى توقعات الأرصاد الجوية بحدوث تهاطلات مطرية فوق المعدل في يونيو 2025 في ولايتي الحوض الشرقي وكيدي ماغه، مما يزيد من احتمالات الفيضانات في مناطق تعد عالية الخطورة.
وكانت الفيضانات في 2024 وأوائل 2025 قد أدت إلى تدمير بنى تحتية حيوية وتشريد مجتمعات، بينما تؤثر موجات الجفاف والحرائق سلبًا على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي.
ووجه التقرير انتباهًا خطيرًا إلى التلاقي بين النزاع المسلح والنزوح القسري والصدمات المناخية، وكيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة هشاشة اللاجئين والمجتمعات المضيفة واعتمادهم المتزايد على المساعدات الإنسانية.
وأشاد التقرير بالدور الحيوي الذي يلعبه الهلال الأحمر الموريتاني في الاستجابة الإنسانية، بدعم من الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، حيث يقدم مساعدات منقذة للحياة للفئات الأكثر هشاشة في باسكنو والنعمة وأمرج وعدل بكرو.
غير أن حجم وتعقيد الأزمة يفوق بكثير الموارد المتاحة، إذ تحد محدودية التمويل وصعوبة اللوجستيات وضعف سلاسل الإمداد بشكل كبير من قدرة الفاعلين الإنسانيين على تقديم الخدمات الأساسية والعمل بالمناطق النائية.
