منذ عام 2019، اختارت الحكومة الموريتانية، تحت قيادة فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، أن تتبنى أسلوب العمل الفعلي قبل الكلام، متبنية شرعيتها على الإنجازات بدلاً من الضجيج.
في المجال الاجتماعي، لم تكتفِ الدولة بتشخيص الفقر، بل دخلت في ميدان العمل المباشر، حيث استفادت أكثر من 119 ألف أسرة من التأمين الصحي، بالإضافة إلى أكثر من 400 ألف أسرة أخرى كانت لها نصيب في التحويلات النقدية. كما تم إنجاز 2500 وحدة سكنية في 12 ولاية، مع توسيع نطاق الرعاية الصحية للمرضى المصابين بأمراض الكلى والسرطان والأمراض المزمنة وذوي الإعاقة، وتعزيز الأمن الغذائي من خلال عمليات التموين والتحويلات وبنوك الحبوب.
إنها دولة اختارت أن تكون إلى جانب الفئات الضعيفة، ليس فقط كقرار شعاري، بل من خلال السياسات والأرقام والميزانيات والبرامج القابلة للتطبيق.
أما في القطاع الصحي، فقد انتقلت البلاد من حالة الهشاشة إلى القدرة، ومن الاعتماد إلى السيادة، إذ ارتفع عدد المنشآت الصحية من 762 إلى 1089، وتزايد عدد سيارات الإسعاف من 70 إلى 265، بينما ارتفعت وحدات إنتاج الأكسجين من وحدة واحدة إلى 19 وحدة، مع توظيف نحو 3000 عامل صحي، يمثلون ربع طاقم القطاع.
لم تكن هذه الأرقام مجرد إحصائيات، بل خطوة حاسمة نحو تقليل الحاجة للعلاج خارج الوطن.
وفي مجال المياه، زاد إنتاج المياه من 201 ألف متر مكعب يومياً إلى 353 ألف متر مكعب، حيث تم حفر 956 بئراً ارتوازياً، وربط 968 شبكة مياه، وبناء 26 سداً، في سياسة شاملة لم تغفل القرى والواحات والمناطق النائية، بل جعلت المياه رافعة للاستقرار.
ترافق ذلك مع نقلة نوعية في قطاع الطاقة الكهربائية، إذ ارتفع عدد المحطات من 1243 إلى 2314، وزاد طول الشبكة من 5500 كيلومتر إلى 9300 كيلومتر، كما تطور في إنتاج الكهرباء من 71 إلى 100 ميغاوات، مع ترسيم نحو ألف عامل.
أما في مجال الطرق، فقد حطمت عزلتها التي استمرت لعقود، حيث ارتفع طول الطرق المعبدة من 4724 إلى 6939 كيلومتر، وزاد طول الطرق المدعمة من 520 إلى 617 كيلومتر. وتم تعزيز أسطول الحافلات من 146 إلى 231، بالإضافة إلى بناء ثلاثة جسور كانت حلماً مؤجلاً.
لم تعد الجغرافيا عائقاً أمام التنمية، بل أصبحت القرى أقرب إلى المدن، والأسواق أقرب إلى المنتجين، مما جعل الوطن أكثر تماسكا واتصالاً.
وفي مجال التعليم، الذي يعد استثماراً عميقاً في المستقبل، ارتفع عدد المعلمين والأساتذة والمؤسسات التعليمية في التعليم الأساسي والثانوي والمهني، وتحسنت نسب النجاح في مراحل التعليم المختلفة، حتى بلغت التغطية المدرسية 97%.
كما ارتفع عدد طلاب التعليم العالي من 22679 إلى 47735، وعدد المقبولين في الجامعة من 8040 إلى 12658. إنها ليست مجرد أرقام، بل تمثل سياسة لبناء عقل دولة قادرة على الاستمرار والتطور.
وبذلك، لم تعد “موريتانيا الجديدة” مجرد تعبير سياسي، بل واقع يومي تترجمه قطرة ماء في قرية نائية، وسرير في مستشفى مجهز، وطريق يربط معزول بعاصمة، ودفتر تلميذ في مدرسة، وكهرباء تنير بيتاً بسيطاً، ودعم يحفظ كرامة الأسر.
إنها موريتانيا الجديدة التي بدأت تعود فعلاً إلى شعبها، وشعب بدأ يستعيد ثقته في دولته.
