بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
السيد الوزير الأول؛
السادة أعضاء الحكومة؛
صاحب المعالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد عبد الكريم العيسي؛
أصحاب السعادة أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين؛
السيد رئيس التجمع الثقافي الإسلامي في موريتانيا وغرب إفريقيا
أيها الحضور الكريم؛
يطيب لي بداية، ونحن على أعتاب ذكرى المولد النبوي الشريف، أن أرحب بضيوفنا الكرام، أصحاب الفضيلة والسماحة العلماء والمشايخ والباحثين الذين لبوا، على بعد المسافة، الدعوة للاحتفاء بالسيرة العطرة لصفوة الخلق، وإمام المرسلين، سيدنا ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
ولا غرابة مطلقا، في أن تردهم مثل هذه الدعوة من إخوتهم في الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
فأهل هذه الأرض، جبلوا على صادق محبة المصطفى عليه الصلاة والسلام، والتشبث بسنته، والعناية بها، تبليغا، ودرسا وتدريسا.
كما جبلوا على دائم الاحتفاء بسيرته العطرة، بحكم راسخ يقينهم بأنه عليه الصلاة والسلام كان خلقه القرآن، فسيرته تعبير حي عن حقيقة ومقاصد رسالته السمحة، في سمو معانيها، ونقاء قيمها الخالدة.
وإنني، لأود، كذلك، أن أشكر القائمين على التجمع الثقافي الإسلامي، على الجهود الكبيرة التي يبذلونها في خدمة السيرة النبوية الشريفة.
كما أهنئهم على اختيارهم، الموفق، لدور العلماء والمشايخ في إصلاح ذات البين، وتعزيز الروابط بين الشعوب والأمم، كموضوع لهذه النسخة السادسة والثلاثين من المؤتمر الدولي للسيرة النبوية.
فنحن، اليوم، في أمس الحاجة إلى تعزيز هذا الدور، في ظل ما تواجهه قارتنا الافريقية، والعالم عموما، من حاد الأزمات، وجسيم التحديات.
أيها السادة والسيدات؛
إن قيام المجتمعات البشرية، عموما، ينبني في الأصل، وأساسا، على إرادة مشتركة في التعايش، قوامها الإنصاف، والتسامح، والاعتدال، وتقبل الاختلاف، والتعاون، في تآخ وتعاضد.
وبقدر ما تمثل هذه القيم السامية، التي هي جوهر ديننا الحنيف، ضرورة لا غنى عنها بين مكونات المجتمع الواحد، فإنها كذلك إلزامية فيما بين المجتمعات والأمم والشعوب.
وإن ما هو باد للعيان، في قارتنا، والعالم إجمالا، من عنف وتطرف وإرهاب، ومن اضطرابات اجتماعية ونزاعات مسلحة، تنشر الخراب في الأرض، وتهدد استمرارية الدول والمجتمعات، إنما يعود، في جزء معتبر منه، إلى غياب هذه القيم في المسلكيات الاجتماعية، وفي علاقات الدول والشعوب، بعضها ببعض.
فثمة، إذن، جهد كبير يتعين بذله لنشر قيم التآخي والتسامح والاعتدال، داخل المجتمعات، وفيما بينها.
ولن يكون هذا الجهد ناجعا إلا بقدر ما نوفق في الانتصار على التطرف، والتعصب والغلو، إذ التطرف في الأفكار، هو، غالبا، منشأ التطرف والعنف في الأفعال.
ولذا، في إطار استراتيجيتنا المعتمدة لمحاربة هذه الظواهر، باشر علماؤنا تصحيح المفاهيم لدى المغرر بهم من شبابنا، وسعوا جاهدين إلى إشاعة ثقافة السلام والاعتدال، بنشر قيم ديننا الإسلامي الحنيف، والذب عنها في وجه زيف التأويلات المنحرفة الهدامة.
ودعما منا لجهودهم وتعزيزا لدورهم في هذا المجال، حرصنا على التوسع في اعتماد المحاظر النموذجية، واكتتاب الأئمة، وأنشأنا جائزة حفظ القرآن الكريم وفهم المتون الفقهية، وأطلقنا المحظرة الشنقيطية الكبرى ودارا للمصحف الشريف.
كما عملنا، ونعمل، على استئصال ما بموروثنا الاجتماعي من صور نمطية زائفة تصادم مقاصد الشرع ومقتضيات القانون وتضر باللحمة الاجتماعية. ويتخذها البعض مطية لتشويه ديننا الحنيف وسلما لخدمة أجندات مشبوهة.
وقد دأبنا في المحافل الدولية، على تأكيد رفضنا وتنديدنا بكل النزعات التي تغذي الكراهية كالإسلاموفوبيا ونظائرها من التيارات ذات النفس العنصري، وكذلك على الدعوة إلى تغليب الحوار وحل النزاعات بالطرق السلمية، مع دائم الحرص على تعزيز عرى الصداقة والأخوة، بين الدول والشعوب.
وقد شهدت بلادنا، في هذا السياق، تنظيم العديد من المؤتمرات والندوات والتظاهرات، الهادفة إلى نشر ثقافة السلام وقيم التسامح والاعتدال.
أيها السادة والسيدات؛
إن دور العلماء والمشايخ وقادة الرأي، لمحوري، في العمل على رأب الصدع والتقريب بين الأمم والشعوب، ونشر قيم التآخي والتعاضد.
وإنني، إذ أعول كثيرا، في هذا السياق، على مخرجات هذه الدورة السادسة والثلاثين للمؤتمر الدولي للسيرة النبوية، لأعلن على بركة الله، افتتاحها، راجيا لأعمالها التوفيق والنجاح.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته